القدس كمدينة تعيش في هذه الأيام أصعب فترات حياتها حيث التهويد الذي قضى على جميع أراضي المدينة، وكذلك الجدار الذي يخنق الأحياء الفلسطينية والحفريات تحت أساسات المسجد الأقصى تمهيداً لتدميره.
فقد وضعت «إسرائيل» عام 1967م سياسة لتهويد مدينة القدس باستخدام مجموعة من القوانين، هذه القوانين التي تستوجب السيطرة الجغرافية والديمغرافية على مدينة القدس، حتى الآن أصبح ما يزيد على 86% من مساحة القدس الشرقية بشكل مباشر أو غير مباشر تحت سيطرة الإسرائيليين، «فإسرائيل» تستغل الظروف الدولية السائدة في المنطقة، وتستغل الضعف العربي والإسلامي والفلسطيني المساند لمدينة القدس لتنفيذ مخططها لقضيتين، القضية الأولى: القضية الديمغرافية وهي التخلص من سكان مدينة القدس الفلسطينيين، القضية الثانية وهي السيطرة على مساحات أوسع من الأراضي التي تحيط بمدينة القدس، وذلك بهدف فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ففي وقت سابق قامت السلطات الصهيونية بمصادرة ونزع ملكية حوالي 142 ألف دونم مما تبقي من الأراضي العربية في القدس وما حولها في القرى المجاورة، كما قامت بمصادرة عقارات أربعة أحياء عربية داخل السور، وتضم 595 شقة وإغلاق 437 مخزناً تجارياً ومدرسة بنات كانت تضم 300 طالبة، بالإضافة الى الأملاك العربية المصادرة في أعقاب حرب 1948 والتي تشكل 80% من أملاك العرب آنذاك
وهاهي السلطات الصهيونية تنتقل إلى خطوة جديدة وخطيرة في مدينة القدس، وقامت بالسماح لليهود بالتملك للعقارات التي يقومون بالسيطرة عليها، وقيام هذه السلطات بتطويب هذه العقارات والممتلكات، فقد بدأت الحكومة الإسرائيلية في الشهور الأخيرة بتسجيل (في دائرة التسجيل- الطابو) ما يسمى بـ"أملاك اليهود في الحي اليهودي" في القدس المحتلة، وذلك في خطوة وصفت بأنها للمرة الأولى يتم فيها من الناحية القضائية الرسمية تثبيت الملكية اليهودية على الأملاك المذكورة، التي خضعت لسيطرة (إسرائيل) منذ احتلالها في العام 1967
يذكر أن الحي اليهودي المذكور يمتد على مساحة تصل إلى 133 دونماً، تشكل 15% من البلدة العتيقة. وفي هذا السياق تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن (إسرائيل) "تمتلك 40 دونماً آخر خارج اليهودي". وتدعي أيضا أن معظم أراضي البلدة العتيقة غير مسجلة، وأنه لا يمكن إسناد الملكية بالوثائق.
وتقوم بعملية التسجيل، التي تجري في ظل المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية، شركة باسم "الشركة لتطوير الحي اليهودي"، وتعمل من قبل الدولة ووزارة الإسكان.
من الواضح أن السلطات الصهيونية في اللحظات الأخيرة من انتهاء مخطط الاستيلاء على جميع أراضي مدينة القدس، وتحويل ملكيتها إلى اليهود والمتدينين منهم
فبحسب المدير العام للشركة المذكورة، نيسيم أرزي، فإن الشركة تعمل بطريقة تختلف عن الطرق المتبعة في دائرة التسجيل/الطابو. ويقول إنه منذ 5 سنوات بدأت الشركة بفحص طرق تسجيل "الحقوق على الأملاك في دائرة الطابو"، إلا أنها اصطدمت بعقبات كثيرة، من بينها أن غالبية المباني والمؤسسات في البلدة العتيقة ترتبط ببعضها البعض بشكل يتجاوز حدود القسائم المقامة عليها المباني، بحيث تصبح الحدود غير واضحة بين الأملاك.
ويضيف أنه تم اتباع طرق تسجيل خاصة، بحيث ينضاف المبنى ورقم الشقة إلى تفاصيل الطابو التي تشمل القطعة (قطعة الأرض) والقسيمة، ومن أجل القيام بعملية التسجيل جرى مسح الحي اليهودي، وتم ترقيم كافة المباني والشقق من جديد. وحتى الآن فقد تم تسجيل 120 من الأملاك التي يصل عددها إلى 600، وتشمل الشقق والحوانيت والمؤسسات.
ويضيف أرزي أنه تبين خلال التسجيل وجود أعمال بناء غير مرخصة، إلا أن الهدف ليس البحث عن هذه المباني، وإنما التسجيل في الطابو، الذي له "أهمية قومية وتاريخية" على حد قوله
من الواضح أن الهدف الذي يسعى إليه اليهود هو تملك أراضٍ وعقارات مدينة القدس، وتسجيل هذه الأملاك بأسماء اليهود، وذلك من أجل إثبات أحقيتهم التاريخية في هذه المدينة التي فشلوا في إثباتها من خلال البحث عن أي أثار تدلل على وجودهم التاريخي في هذه المدينة، إن ما تقوم به المؤسسة الصهيونية الرسمية وغير الرسمية حالياً يصب في التسريع في أحكام السيطرة على المسجد الأقصى، والإسراع في تهويد البلدة القديمة وجميع أنحاء المدينة المقدسة