بعيدا عن الأضواء والمؤتمرات الصحفية والتفاوضية؛ تعمل الحكومة الإسرائيلية وبلدية الاحتلال في مدينة القدس المحتلة، بالتعاون مع جمعيات استيطانية ودينية احتلالية في الداخل والخارج، على مشروع استيطاني خطير انتهت مرحلة المصادقة عليه لتهويد البلدة القديمة من القدس المحتلة.
وحسب المشروع الإسرائيلي، فإن الهدف هو السيطرة على المسجد الأقصى المبارك ومقبرة باب الرحمة وباب الأسباط والالتفاف على إدارة الأوقاف الإسلامية لنزع صلاحياتها في المسجد الأقصى المبارك من خلال إدارة مشتركة صهيونية مسيحية (إسلامية) تمكن الصهاينة من دخول المسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه وبناء هيكل نموذجي بين قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك.
ويهدف المخطط الإسرائيلي إلى تعزيز السيطرة اليهودية على القدس المحتلة وخاصة البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك والأماكن والمقدسات الإسلامية المسيحية وتحويلها إلى مرجعية وإدارة احتلالية تتولى الإشراف عليها وعلى ما يسمى بـ (الحوض المقدس) الذي يمتد من حائط البراق إلى باب الساهرة.
ويتضمن المخطط العديد من المشاريع الاستيطانية التي تهدف إلى نزع السيطرة عن الأراضي والأوقاف الإسلامية والمسيحية وتحويلها إلى دائرة يجري استحداثها (من قبل الحكومة الصهيونية والبلدية ولجنة تطوير البلدة القديمة ودائرة ما يسمى بـ "أراضي إسرائيل" وحاخامات حائط البراق (المبكى)، لإدارة ما يسمى بـ "التراث والتاريخ اليهودي" بإشراك المسيحيين والمسلمين، بحسب المخطط، بما فيها المسجد الأقصى المبارك والكنائس والأراضي التابعة لها في منطقة الصوانة والجثمانية ومنطقة الطور وباب الأسباط والمقبرة الإسلامية وكذلك باب المغاربة وأراضي الأوقاف في السلودحة وساحة باب المغاربة ومنها إلى عين سلوان وحتى باب الساهرة في محيط أسوار المدينة المقدسة".
واجهة القدس
ويشمل المشروع شق نفق من باب الخليل أسفل البلدة القديمة إلى باب المغاربة جنوباً وكذلك مد خطوط لقطار هوائي من باب الأسباط إلى جبل الزيتون – الطور، وكذلك من الثوري إلى عين سلوان فيما يطلقون عليه (مدينة داود) بالتعاون مع الجمعية الاستيطانية (العاد) التي استولت على عشرات المنازل هناك .
وجاء في مقدمة المشروع الاستيطاني الذي حمل اسم (واجهة القدس): "إن هذه المخططات والصور للمشروع هي لاستنهاض مكانة الحوض التاريخي" في القدس كمسعى وطني بالتعاون مع الشعب اليهودي وبإشراك المسلمين والمسيحيين.
أهداف استعمارية
ويهدف المشروع الى تنمية مجال ما يسمى (الحوض التاريخي – المقدس لليهود) لاستيعاب و"جذب سياحي" لـ 10 مليون زائر، وتجنيد واستثمار نحو 2 مليار شيكل جديد في خطة يتم تنفيذها لست سنوات، و"تجنيد" معظم "الشعب اليهودي" في حث تنمية المشروع؛ أي الاعتراف الضمني بحقوق اليهود في الحوض المقدس الذي حسب التعريف الصهيوني يشمل (المسجد الأقصى المبارك).
وكما ويهدف المشروع الى إيجاد علاقات "ثقة" وتعاون مع المسؤولين عن التراث الإسلامي (الأوقاف الإسلامية في القدس، والمسيحي في المنطقة) وذلك من خلال تفعيل إدارة مشتركة يهودية – إسلامية - مسيحية تحت سيادة (الكيان الصهيوني) خارج إطار مواضيع السيادة الوطنية والسيطرة الدينية، إضافة الى توحيد شركتين حكوميتين بلديتين (تابعة للاحتلال) مع "صندوق تراث حائط (البراق) المبكى"، الذي يعمل في نطاق حائط البراق، ليصبح هيئة واحدة ناجعة ومركزية "واجهة القدس" ليعمل كذراع حكومية بإشراك الشعب اليهودي وبلدية الاحتلال في القدس لتنفيذ المشروع.
وقال مقدمو المشروع الاستيطاني :" إن الهدف هو تطوير وفتح موقع "الحوض التاريخي المقدس" في القدس للزائرين (المستوطنين واليهود من جميع دول العالم) كمركز "للتجربة الشعورية اليهودية والقومية كموقع زيارة وسياحة وصلاة هو المركزي والأول" في الكيان الصهيوني؛ أي السماح لليهود بإقامة طقوسهم في المسجد الأقصى المبارك وساحاته (عبارة عن ساحات عامة كأي منطقة في القدس وليست مسجداً) حسب واضعي المشروع.
سيطرة كاملة
ويشير المشروع إلى ضرورة: "تطوير مكانة "الحوض المقدس" (الذي يشمل المسجد الأقصى المبارك والمقبرة الإسلامية في باب الأسباط وأرض الأوقاف في السلودحة وفي منطقة سلوان) على نحو يمكن من إبطال الاختلافات السياسية والقومية، بحيث يمكن استخدامها كافة في الحياة والنشاط في الموقع كله؛ أي تسخير كافة هذه المباني والأراضي لخدمة المشروع "القومي الصهيوني" كمدينة يهودية صهيونية موروثة صهيونية قديمة حسب ادعائهم.
ويرى واضعو المشروع أنه لا بد من تركيز ونقل ضرورات الأمن والحراسة والسيطرة الأمنية في الموقع كله بما فيها السيطرة على جبل الهيكل (المسجد الأقصى المبارك) وباحة حائط المبكى (البراق).
ويشدد المشروع على تركيز تنسيق وتوجيه تخطيط البناء كله والتطوير في الموقع كله، وإدماج مبادرات جهات، وجمعيات وسلطات تعمل في الموقع؛ أي أن البناء والتخطيط سيكون تحت سيطرة الإدارة الجديدة بعد رفع يد الأوقاف والكنائس عن أملاكهم وأوقافهم الإسلامية والمسيحية لتديرها جمعيات استيطانية وهيئات صهيونية والكونجرس اليهودي العالمي.
وتقوم جهات استيطانية وحكومية وجمعيات دينية وسياسية بتجنيد الدعم المادي وجمع تبرعات وتوجيه مشاركة الشعب اليهودي في مشروع "إنهاض مكانة الحوض المقدس"، حسب المشروع.
قرارات حاسمة
ويؤكد المشروع على "ضمان مكانة الشعب اليهودي في قرارات حاسمة في شأن مصير أملاك التراث اليهودي معا وبمشاركة الدولة"، وإشراكه في سلطة القرار في إدارة الشركة وخاصة على المسجد الأقصى المبارك، وتحديد المكاتب الحكومية الصهيونية أو لجان الوزراء التي ستوجه القرارات لإقامة الجهة المذكورة، "لإشراك الشعب اليهودي، وإقامة مديرية مشتركة، للمراقبة وتوجيه مديرية الشركة على حسب غايتها".
ويشمل المشروع الاستيطاني إقامة عدد من المشاريع الصغيرة في معظم جوانب "الحوض المقدس" بهدف تردد المستوطنين واليهود من جميع دول العالم عليها، بحيث يجري نشر الرؤية والتصور الاحتلالي العنصري المشوه لتاريخ ومكانة وحضارة القدس العربية الإسلامية وفق الرؤية الإسرائيلية التي تغيب الوجود العربي والإسلامي والمسيحي.
ومن بين هذه المشاريع: مراكز بحث ودور عرض أفلام ثلاثية الأبعاد، وكذلك تنظيم حلقات وصفوف دراسية جامعية بالتنسيق مع كبرى الجامعات في العالم والجامعات الصهيونية لتدريس وعرض الرؤية الصهيونية لتاريخ وحضارة القدس وفلسطين بما يعزز الخطاب الصهيوني ويطمس ذلك البعد العربي والإسلامي للمدينة المقدسة.