القدس تحت التهويد مع ضياء التلاحمة

القدس تحت حراب الاحتلال
التهويد في مراحله الأخيرة والحكومة الجديدة هي الأخطر


سامي حمود/ بيروت
لكل حكومة إسرائيلية بصماتها الخاصة في تهويد القدس، وكذلك لكل بلدية للاحتلال الدور الأساسي والأبرز. ويقول المختصون في شؤون القدس والناشطون في المؤسسات الفلسطينية في المدينة إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تنفذ الرؤية التي تضعها البلدية لمستقبل المدينة.

وقال رئيس الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 رائد صلاح، إن السلطات الإسرائيلية تخطط لهدم أو إخلاء 1700 منزل في القدس خلال العام الجاري، ما يعني تشريد نحو 17 ألف مقدسي. وقال إن المؤسسة الإسرائيلية سترتكب 17 ألف جريمة بحق المقدسيين، وستعمل على هدم مئات المنازل في أنحاء مختلفة من المدينة المقدسة، من ضمنها نحو 60 منزلاً في حي رأس خميس في مخيم شعفاط. وهذا يعني أن الاحتلال يستبيح لنفسه أن يرتكب مجزرة في داخل القدس الشريف، مضيفاً أن القدس تمرّ بأخطر مرحلة منذ الاحتلال الإسرائيلي الكامل عام 1967.

وقال إن المؤسسة الإسرائيلية أعلنت أنها رصدت مبلغ 150 مليون دولار من أجل مواصلة تهويد القدس القديمة بشكل خاص، وزيادة عدد الكنس اليهودية المحيطة بالمسجد الأقصى داخل البلدة القديمة، وتكثيف السهرات الليلية الصاخبة.

وحذر صلاح من سياسة الإخلاء الإسرائيلية لأهالي مدينة القدس المحتلة، واعتبرها «أخطر ألف مرة من سياسة الهدم المباشر للبيوت باعتبارها تؤدي إلى هدم نسيج الأسرة الفلسطينية، وتهويد المجتمع الفلسطيني بطريقه تدريجية بإحلال مستوطنين ليحلوا مكان الفلسطينيين».

وقال صلاح: «هنالك أربعة آلاف بيت فلسطيني تحتاج إلى ترميم تستوعب بين جدرانها 40 ألف فلسطيني يحتاجون إلى إعادة بنائها قبل أن تنهار عليهم، ولا يكلف ترميم كل بيت منها سوى 30 ألف دولار، الأمر الذي يستحق دعماً عربياً لهم للحفاظ على هوية المدينة المقدس ويثبّت صمود أهلها».

«القدس 2020»

قال رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل التفكجي إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تعمل بدأب على تنفيذ مشروع القدس عام 2020 الذي وضعته البلدية عام 1994. وحمل مشروع «القدس 2020» عناوين عامة، في مقدمها تغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للمدينة عبر زيادة عدد اليهود في أحيائها، وتكريسها عاصمة موحدة للدولة العبرية تضم القدس الشرقية المحتلة عام 1967 والقدس الغربية المحتلة عام 1948.

ويقول التفكجي إن مشروع «القدس 2020» الذي وضع بعد أشهر قليلة من التوقيع على اتفاق «أوسلو» هدف إلى إخراج القدس من الحلّ السياسي مع الفلسطينيين وتكريسها عاصمة موحدة أبدية لـ«إسرائيل». وأضاف: «منذ ذلك الحين تعمل البلدية ومعها كل حكومة جديدة على تحقيق هذا الهدف». وكان رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت يتولى رئاسة بلدية القدس في ذلك الوقت ممثلاً لحزب ليكود اليميني الذي فاز في الانتخابات الأخيرة، وشّكل زعيمه نتانياهو الحكومة.

وقال تفكجي: «بلدية القدس، ومن خلفها السلطات الرسمية استخدمت وسائل عدة لتحقيق مشروع القدس 2020، في مقدمها هدم البيوت العربية المقامة من دون تراخيص، وعددها يتراوح بين 15-20 ألف بيت، وإقامة الجدار، وإخراج الأحياء العربية المكتظة من حدود المدينة، وضم الكتل الاستيطانية في المدينة».

وترفض السلطات الإسرائيلية منح الفلسطينيين في القدس الشرقية تراخيص لإقامة بيوت في الكثير من المناطق المستهدفة، ما يضطرهم لإقامة بيوتهم من دون ترخيص. وقامت السلطات الإسرائيلية بهدم 871 بيتاً في القدس منذ اتفاق أوسلو حتى اليوم.

وتشكل الكتل والبؤر الاستيطانية خطراً آخر كبيراً على المدينة، فالبؤر تقام في بيوت وبنايات في قلب الأحياء العربية، وتتسع إلى المناطق المحيطة. أما الكتل فتشكل الاحتياطي السكاني الذي تستخدمه السلطات الإسرائيلية لقلب الميزان الديموغرافي في المدينة عبر رفع عدد السكان اليهود وتقليص عدد المواطنين الفلسطينيين في المدينة.

وتضم الكتل الاستيطانية المحيطة بالقدس كالسوار بالمعصم 27 مستوطنة على النحو التالي: كتلة «غوش عتصيون» 14 مستوطنة، وكتلة «معاليه أدوميم» 8 مستوطنات، وكتلة «غفعات زئيف» 5 مستوطنات.

ويبلغ عدد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية 280 ألفاً، فيما وصل عدد المستوطنين إلى 193 ألفاً. وتقول جهات إسرائيلية محايدة إن السلطات الإسرائيلية تسعى إلى رفع عدد السكان اليهود في هذا الجزء من القدس الذي يتطلع الفلسطينيون إلى إقامة عاصمة دولتهم فيه إلى مليون مستوطن.

الحكومة الإسرائيلية السابقة زادت من وتيرة التوسع الاستيطاني في القدس عقب مؤتمر «أنابوليس»، هادفة من وراء ذلك إلى حسم مصير المفاوضات في المدينة على الأرض قبل أن تبدأ.

وقد شملت التوسيعات كلاً من «عطاروت» (ألف وحدة)، و«راموت» (1300 وحدة)، و«ريخس» (250 وحدة)، و«نفي يعكوف» (1200 وحدة) و«بسغات زئيف» (750 وحدة)، و«معاليه أدوميم» (250 وحدة)، و«تلبيوت» الشرقية (400 وحدة)، و«نوف صهيون» (400 وحدة)، و«هار حوما» (مشروعان: 750 وحدة سكنية)، و«غفعات همتوس» (4000 شقة) و«غيلو» (50 وحدة).

وقد قررت الحكومة الإسرائيلية إقامة 40 ألف وحدة سكنية في القدس في العام الماضي، وعند إنجاز هذه الوحدات سيرتفع عدد اليهود إلى مليون.

مخطط التهويد اكتمل

لم يبق من مخطط تهويد القدس إلا اللمسات الأخيرة، حيث أكد «مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية» زياد الحموري، أن تكثيف عمليات هدم المنازلفي القدس يهدف إلى خفض عدد السكان الفلسطينيين حسب المخططات الإسرائيلية، وإبقاء 72 - 80 ألف مواطن مقدسي يحملون الهوية المقدسية، وأنه حسب التصريحات الإسرائيلية سوف يجري المزيد من الهدم وعزل المدينة المقدسة عن باقي المدن والقرى المحيطة بالمدينة.

ويبدو أن المخططات الإسرائيلية استكملت بشكل شبه كامل، والقادم هو عبارة عن لمسات أخيرة نحو مصادرة عقارات وما بقي من بعض الأراضي الفلسطينية، فالخطة القادمة «زاموش»، هي خطة تجميلية لتغيير معالم القدس من إقامة «تلفريك» من فوق القدس القديمة، وكراجات وأنفاق من الأسفل، محذراً من الأخطار القادمة الذي تهدد إقامة المواطن المقدسي. وقال «إن كل الإجراءات التهويدية اتخذت بعد (اتفاق) أوسلو، في الوقت الذي يمنع فيه أي نشاط تابع للسلطة الفلسطينية داخل المدينة، وذلك حسب الاتفاقية».

المطران حنا: القدس عاصمة الفلسطينيين

أكد المطران عطا الله حنا أن القدس عاصمة الفلسطينيين وحاضنة مقدساتهم وتاج رؤوسهم، وهي عصية على محاولات الاحتلال اقتلاعها من وجدانهم، مطلقاً صرخة «أنقذوا القدس حتى لا نبكي على أطلالها».

ورأى أن الشعب الفلسطيني سيواصل رفضه إجراءات «إسرائيل» وحربها على الثقافة العربية الإسلامية. وتابع قائلاً: «سنحتفل بهذه المناسبة في كل بيت وفي كل مؤسسة، وردّنا على انتهاكات الاحتلال هو الصمود والتشبث بالأرض والمقدسات، ومهما بلغت «إسرائيل» من قوة لبسط سيطرتها بالغطرسة فهي غير قادرة على تزوير التاريخ».

ودعا الأمة العربية إلى التحرك وعدم الصمت على انتهاكات الاحتلال وجرائمه في القدس، وأضاف: «أنقذوا القدس قبل فوات الأوان، فالمدينة مقدسة ومباركة للديانات التوحيدية الثلاث، وهي عربية بالأمس واليوم وغداً، إنها قبلة المسيحيين والمسلمين».

كذلك ناشد العرب والفلسطينيين في الشتات أن يقيموا فعاليات بهذه المناسبة ومؤسساتهم التربوية والثقافية والدينية بالمزيد من الاعتناء باحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية هذا العام. وطالب المسؤولين العرب بالرد على ممارسات الاحتلال بأن يعتبروا «القدس العاصمة الدائمة للثقافة العربية لا للعام الحالي فقط».

منع دخول الأدوية إلى القدس

بعد منع الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية واتخاذ إجراءات قاسية بحق المحتفلين، فرضت سلطات الاحتلال حصاراً مشدداً على المستشفيات والمؤسسات الطبية في القدس المحتلة وفق ما أفادت مصادر فلسطينية. حيث أشارت المصادر إلى أن سلطات الاحتلال بدأت فعلياً بمنع إدخال أي معدات طبية أو تجهيزات إلى المستشفيات المقدسية، بما في ذلك معدات طبية من بنك التنمية الإسلامي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، حيث رفضت إدخالها إلى مدينة القدس. وقال عبد القادر إن المنع الذي تطبقه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على الحواجز العسكرية على مداخل القدس يطال أيضاً إدخال الأدوية الفلسطينية وحتى الأدوية المستوردة من طريق السلطة الوطنية.

مع تحيات ضياء التلاحمة

والي الامام